أوضح الدكتور سلطان الجابر ، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، و رئيس مؤتمر الأطراف COP28، مقال له بعنوان “الترابط الوثيق بين الذكاء الاصطناعي والطاقة” على منصة «بروجكت سنديكيت» المرموقة، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم تقنياته المتطورة في تسريع وتيرة التقدم من خلال إعادة صياغة عمليات القطاعات الصناعية، وتحسين منظومة النقل، ورفع كفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات على نطاق واسع.
اقرأ أيضًا:
KKR وIGNIS يوقعان اتفاقية شراكة لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا
وأضاف الجابر، أن الذكاء الاصطناعي يساعد أيضاً على تعزيز المرونة المناخية من خلال تقديم ودعم الابتكارات في مجالات الزراعة والأمن المائي والصحة.
عالم ما بعد COP28
وفي مطلع المقال، لفت وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي إلى أنه قبل ستة أشهر، حقق العالم إنجازاً لم يتوقعه البعض في مؤتمر الأطراف COP28 الذي استضافته دولة الإمارات، من خلال تجاوز الانقسامات الجيوسياسية وتوحيد الجهود للتوصل إلى “اتفاق الإمارات” التاريخي الذي قدّمَ خطةً واقعية لتعزيز الازدهار والنمو الاقتصادي المستدام، بالتزامن مع معالجة تداعيات تغير المناخ.
وقال إن المؤتمر شهد توافُق نحو 200 حكومة وممثلي مختلَف قطاعات الاقتصاد العالمي حول مسار عملي قائم على الحقائق العلمية لتحقيق النمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات، مع الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز ارتفاع حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وأضاف انه كان احتواء الجميع من أهم عناصر نجاح الاتفاق، لم يتم استبعاد أحد أو تهميش أي قطاع أو إهمال بحث أي حل، وفيما ننتقل إلى مرحلة تنفيذ بنود الاتفاق وتحويله إلى خطوات ملموسة، يجب على العالم تكثيف الجهود واستكشاف كافة الحلول لتسريع التقدم في هذا المجال، ومن المهم جداً هنا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه المساهمة بدور مهم في تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة.
العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والطاقة
وأشار الدكتور سلطان الجابر في مقاله إلى أهمية ملاحظة أن نمو الذكاء الاصطناعي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الطلب على الطاقة بشكل كبير، وبالتالي علينا السعي لإيجاد حل مزدوج يؤمن حاجته الكبيرة إلى الكهرباء ويتيح الاستفادة من قدرته على تحقيق انتقال منظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، ويتطلب إيجاد مثل هذا الحل تعاون شركات قطاعَي التكنولوجيا والطاقة بطرق جديدة ومبتكرة.
وأكد أن هناك عدة أسباب تدعو للتفاؤل، لأن الذكاء الاصطناعي يساهم بالفعل في تعزيز كفاءة الطاقة عبر مختلف القطاعات، فمن خلال مشروع “إيه آي كيو” المشترك بين كل من “جي42″ و”بريسايت” و”أدنوك”، استخدمت أدنوك الصيانة التنبؤية وأدوات تعلُّم الآلة لتحقيق خفض يفوق مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال عام واحد فقط، كما تَستخدم شركات طاقة أخرى الشبكات العصبية الاصطناعية للتعامل مع تحديات ضمان استقرار الإمدادات وتخزين للطاقة المتجددة، وذلك من خلال التنبؤ بأنماط الطقس والاستعداد لفترات ذروة الاستخدام وانخفاضه.
اقرأ أيضًا:
وأوضح أن في علوم المواد، يستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لتحديد الهياكل الجزيئية الأكثر ملاءمة لتخزين الكربون، وتُستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضاً لإحداث تغيير جذري إيجابي في قطاع الزراعة، وهو من القطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة، من خلال تحليل المغذيات الدقيقة، وتعزيز غلال المحاصيل، وتقليل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 40%، وخلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، من المتوقع أن يدعم الذكاء الاصطناعي تحقيق إنجازات كبرى في مجالات الاندماج النووي، وطاقة الهيدروجين، ونماذج مفاعلات الطاقة النووية، ووحدات التخزين طويل الأمد للطاقة الكهربائية، والحلول المناخية المتطورة التي لا يمكن تصورها الآن.
الضغط على منظومات الطاقة الحالية
وسلط الدكتور سلطان الجابر الضوء على الضغط على منظومة الطاقة الحالية والمُجهَدة بالفعل.
وقال إن منذ عام 2019، زادت الانبعاثات الصادرة عن شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بأكثر من 30%، وبحلول عام 2030، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد مراكز البيانات في جميع أنحاء العالم بسبب احتياجات المعالجة الضخمة لتكنولوجيا تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تحتاج هذه المنشآت الجديدة إلى قدر من الطاقة الكهربائية يماثل استهلاك دولة كبيرة مثل كندا، وتصعب معالجة هذه الفجوة حالياً بسبب عدم وجود مصدر للطاقة قادر بمفرده على تلبية هذا النمو الهائل في الطلب.
وأضاف أن شركات التكنولوجيا الكبرى بدأت التعاون مع شركات الطاقة لمواجهة هذا التحدي بفعالية، وفي شهر مايو الماضي أبرمت شركتا مايكروسوفت وبروكفيلد صفقة لإقامة محطات توليد بقدرة إنتاجية قدرها 10.5 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتسير شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، الشركة الإماراتية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، على المسار الصحيح لزيادة القدرة الإنتاجية لمشروعاتها حول العالم أربع مرات لتبلغ 100 غيغاواط بحلول عام 2030، وتستكشف فرص توريد الكهرباء النظيفة لقطاع التكنولوجيا.
وقال إنه زاد الاستثمار في مراكز البيانات التي تعمل بالطاقة النووية، رغم أن بناءها يستغرق عقوداً، وفي أثناء ذلك، سيحتاج العالم إلى ما يصل إلى 200 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي سنوياً، وهو الوقود التقليدي الأقل في الانبعاثات، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في البنية الأساسية لشبكات الكهرباء العالمية لتلبية الطلب المتزايد.
جني فوائد الذكاء الاصطناعي
وأكد الدكتور سلطان الجابر، أن مواجهة هذه التحديات وجني الفوائد التي يتيحها الذكاء الاصطناعي تتطلب نهجاً تعاونياً شاملاً، لذا نخطط لاستضافة أبوظبي، خلال نوفمبر القادم، جلسة لـ “مجلس صناع التغيير” الذي يقام وفق أسلوب المجلس الإماراتي، بحضور ومشاركة عدد من قادة قطاعَي التكنولوجيا والطاقة، وصناع السياسات، والمستثمرين، ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لتشجيع تبادل وجهات النظر، ومناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق الانتقال المنشود في قطاع الطاقة، ووضع تصور جديد للعلاقة بين الطاقة والذكاء الاصطناعي وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.
اقرأ أيضًا:
KKR وIGNIS يوقعان اتفاقية شراكة لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا
واختتم أنه بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة في دولة الإمارات، وفي ضوء دور الدولة كمورد مسؤول وموثوق للطاقة، والتزامها الراسخ بالتنمية المستدامة، ومكانتها المتميزة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال منصات الاستثمار مثل “إم جي إكس”، ومطوري البنية التحتية مثل “جي42″، ونموذج المعالجة اللغوية الضخم الأكبر والأسرع نمواً في المنطقة “فالكون”، فإنها تحرص على تكريس التوافق بين جميع المعنيين بشأن هذا التحدي الحاسم لمستقبل البشرية بأكملها، وكلنا ثقة بأن مدّ جسور التعاون بين قطاعَي “الطاقة” و”الذكاء الاصطناعي”، سيتيح لنا الاستفادة من تكامل القدرات والهود بما يساعد على تحقيق أهداف “اتفاق الإمارات”، ويتيح الاستفادة من أعظم فرصة اقتصادية منذ العصر الصناعي الأول.