تتجه البنوك في مصر إلى التوسع في إقراض الصناعات التي تدر إيرادات بالعملات الأجنبية وعلى رأسها التصدير والسياحة خلال العام الجاري، بحسب 8 مصرفيين تحدثوا لـ”الشرق”.
اقرأ أيضًا:
جهاز تنمية المشروعات يضخ أكثر من 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر
“التصدير” أولوية
أكد المصرفيون أن الصناعات الغذائية والزراعية تتصدر أولويات تمويل المشروعات هذا العام، وأشاروا إلى أن بعض البنوك تعتزم تأسيس إدارات وبرامج تمويلية متخصصة لتمويل المصدرين، ومشروعات الاستدامة والصديقة للبيئة.
مساعي البنوك تتسق مع خطة الحكومة لزيادة مواردها من العملة الصعبة، وسط عودة الآمال لانتعاش حركة الملاحة في قناة السويس تدريجياً الفترة المقبلة بعد اتفاق وقف النار في غزة، حيث عانى البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان من أزمة شُح دولار طاحنة في آخر عامين، إلا أنه جرى حلها بعد خفض حاد لقيمة الجنيه في مارس من العام الماضي، وهو ما أسهم في عودة تدفق العملات الأجنبية على البنوك بدلاً من التوجه للسوق السوداء.
تامر سيف، العضو المنتدب لبنك نكست التجاري، قال لـ”الشرق” إن مصرفه يركز هذا العام على تمويل “كل مشروع لديه فرصة تصدير، وتمويل صناعات إحلال المنتج المستورد بالمحلي”.
عودة ملحوظة لتمويل القطاع السياحي
فيما ذكر رئيس قطاع الائتمان في أحد البنوك الخاصة، أن مصرفه يستهدف تمويل نحو 5 قطاعات أساسية بعد وفرة النقد الأجنبي أخيراً، وهي السياحة في إطار المبادرة الحكومية لتمويل القطاع، والصناعة بكافة أنواعها سواء الإنتاج المحلي أو التصدير، والصادرات الزراعية، والبتروكيماويات، واللوجيستيات خاصة في منطقة قناة السويس.
تصريحات المسؤول المصرفي اتسقت مع ما صرح به رئيس قطاع الخدمات المصرفية للشركات والاستثمار في أحد البنوك الخليجية العاملة في مصر، والذي قال إن مصرفه يعمل على زيادة حجم الإقراض للقطاع الصناعي، والشركات الزراعية المُصدرة، وكذا التوسع في تمويل قطاع السياحة، بسبب توقعات “زيادة نموه الفترة المقبلة”.
تؤكد تصريحات المصرفيين، أن البنوك العاملة في مصر عادت لإقراض الشركات العاملة في قطاع السياحة بشكل “أكثر جرأة” بعدما عانى القطاع من تصنيفه لدى غالبية البنوك بأنه ذو “مخاطر عالية”، بسبب جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية اللتين تسببتا في تراجع حاد لإيرادات مصر السياحية في الأعوام الماضية، إلا أن الحركة بدأت منذ العام الماضي في العودة لمعدلاتها الطبيعية.
فيما يعول البلد المثقل بالديون على السياحة في زيادة موارده الدولارية، لا سيما في أعقاب تراجع حدة التوترات الجيوسياسية على حدودها المختلفة، حيث تستعد مصر هذا العام لافتتاح أكبر متاحفها على الإطلاق قرب منطقة الأهرامات الأثرية، فيما تعمل الحكومة على الوصول بعدد السياح سنوياً إلى 30 مليوناً بحلول 2030، في مقابل 15.7 مليون زاروا البلاد في 2024.
كانت مصر أطلقت في وقت سابق من العام الماضي مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه للشركات العاملة بقطاع السياحة بهدف زيادة عدد الغرف الفندقية، بفائدة 12% متناقصة، على أن يكون الحد الأقصى لتمويل العميل الواحد مليار جنيه، وملياري للأطراف المرتبطة، شريطة إلزام الشركات المستفيدة من المبادرة ببيع 40% من إيراداتها بالعملات الأجنبية للبنوك، بحسب ضوابط البنك المركزي.
كما أطلقت مصر مبادرة أخرى بقيمة 30 مليار جنيه للشركات العاملة في 8 صناعات لشراء المعدات وخطوط الإنتاج، بفائدة مخفضة تصل إلى 13%، شريطة تحقيق عدة شروط من بينها زيادة نسبة المكون المحلي، حيث تم تخصيص 75 مليون جنيه كحد أقصى لتمويل العميل الواحد و100 مليون جنيه للأطراف المرتبطة.
“الأسمدة” تعود للواجهة
المسؤول المصرفي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، كشف أن مصرفه يستهدف في الوقت الراهن التركيز على تمويل قطاع الأسمدة الذي كان -مستبعداً- العام الماضي بسبب أزمة شح الدولار، وأضاف: “اهتمامنا ينصب على تمويل إنتاج الأسمدة محلياً، وليس التجارة”.
تتعالى في مصر أصوات الاهتمام بالصناعة سواء بغرض التصدير أو الاكتفاء المحلي، حيث قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقاء على هامش حضوره احتفالية الذكرى الـ73 لعيد الشرطة، الأسبوع الماضي، إن حل مشكلة مصر الاقتصادية وخفض الأسعار يسلتزم “زيادة الموارد الدولارية للدولة لتكون أكبر من حجم الإنفاق”.
فتح الخزائن مرهون بـ”المعايير”
ورغم توسع البنوك في إقراض القطاعات الإنتاجية والمصدرة والسياحية، إلا أن منح التمويلات يتم بحذر “وفقاً للملاءة المالية لكل شركة، مع مراعاة نسب التركز الائتماني”، بحسب مدير عام الائتمان بأحد البنوك الحكومية، والذي أكد أيضاً أن الأولوية باتت منصبة نحو قطاعات التصدير، والصناعات ذات الإيرادات بالعملة الأجنبية ومعدلات النمو المرتفعة.
تتبع البنوك معايير عدة لإدارة المخاطر المتعلقة بالائتمان، وتقديم تقدير محتمل للخسائر المتوقعة على القروض والمنتجات المالية المختلفة.
اقرأ أيضًا:
الإسكان: اليوم..بدء تسليم دفعتين جديدتين بمشروع “سكن مصر” بمدينة القاهرة الجديدة
التمويل الأخضر
مسؤول ائتمان بأحد البنوك الخاصة، قال إن مصرفه لديه اهتمام بالتمويل الأخضر والاستدامة والمشروعات التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية، والاعتماد على الطاقة النظيفة، حيث يتم تمويلها من خلال برامج تمويل ممولة من البنوك ومؤسسات التمويل الدولية، مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار وبنك مؤسسة التمويل الدولية.