يشهد القطاع العقاري تحولاً استراتيجيًا نحو دمج أعمق لمبادئ الاستدامة كركيزة أساسية لتنمية حضرية مستدامة على المستوى العالمي.
اقرأ أيضًا:
عبد الله سلام لـ”استدامة”: ندرس الخيارات المتاحة ونقيم الفرص الاستثمارية لدخول منطقة رأس الحكمة
وقالت دينا حبيب، نائب رئيس العلاقات المؤسسية في شركة مدينة مصر، في حوارها لموقع “استدامة نيوز”، تعد الاستدامة جزءًا محوريًا في “رؤية مصر 2030″، خاصة بعد إطلاق نسختها المحدثة، التي تسعى إلى بناء اقتصاد تنافسي متوازن ومتنوع، ومجتمع مستدام وعادل، يعتمد على الابتكار والمعرفة.
ويلعب القطاع العقاري دورًا رئيسيًا في تحقيق هذا التحول، حيث يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، خلق فرص العمل، وتعزيز التكامل بين القطاعات المختلفة.
استدامة: بداية.. ما هي رؤيتكم لمستقبل الاستدامة في القطاع العقاري بشكل عام؟ وتحديدًا خلال 2025؟
دينا حبيب: يشهد القطاع العقاري تحولاً استراتيجيًا نحو دمج أعمق لمبادئ الاستدامة كركيزة أساسية لتنمية حضارية مستدامة،فمثلًا على المستوى العالمي، يتجه القطاع العقاري نحو تبني ممارسات أكثر استدامة بهدف الوصول إلى صافي انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة (IEA)، يُسهم قطاع البناء والتشييد بما يعادل 34% من الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة، وشكّل أكثر من 32% من إجمالي الطلب على الطاقة في عام 2023، مما يجعله نقطة محورية لتحقيق الأهداف العالمية للحياد الكربوني والاستدامة.
في مصر، تُعتبر الاستدامة جزءًا محوريًا في “رؤية مصر 2030″، خاصة بعد إطلاق نسختها المحدثة، التي تسعى إلى بناء اقتصاد تنافسي متوازن ومتنوع، ومجتمع مستدام وعادل، يعتمد على الابتكار والمعرفة. يلعب القطاع العقاري دورًا رئيسيًا في تحقيق هذا التحول، حيث يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، خلق فرص العمل، وتعزيز التكامل بين القطاعات المختلفة.
وتابعت: أن مستقبل القطاع يعتمد بشكل أساسي على قدرته على بناء مجتمعات عمرانية مستدامة توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. ويتطلب ذلك تبني معايير وممارسات مرنة، تتسم بالذكاء والابتكار، لإنشاء مجتمعات عمرانية أكثر مرونة بيئيًا واجتماعيًا.”
استدامة: كيف يمكن تحقيق الاستدامة؟
دينا حبيب: تتنوع الممارسات لتحقيق الاستدامة، مثل تبني التكنولوجيا الذكية، استخدام المواد الصديقة للبيئة والمعاد تدويرها، وتطبيق تقنيات موفرة للطاقة والمياه، بالإضافة إلى دمج عناصر الطبيعة في التصاميم العمرانية لتعزيز الصحة النفسية والجسدية للسكان باستخدام الأسطح الخضراء.
كما أن الاستدامة لم تعد مقتصرة على البعد البيئي فحسب، بل تشمل أيضًا الجوانب الاجتماعية من خلال المبادرات التي تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز التنوع والشمولية. وقد أصبحت هذه الجوانب جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الاستدامة في القطاع العقاري.
في مدينة مصر، نؤمن أن الاستدامة لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة جوهرية في صياغة المستقبل، لا سيما في ظل التحديات البيئية والاجتماعية المتزايدة التي يشهدها العالم اليوم. رؤيتنا لعام 2025 وما بعده ترتكز على مفهوم متكامل للاستدامة يشمل الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في إطار التزامنا العميق تجاه المجتمعات التي نخدمها.
3 محاور رئيسية تعتمد عليها مدينة مصر
ومن خلال استراتيجيتنا “بناء المجتمعات”، نعمل على تفعيل هذه الاستراتيجية عبر ثلاثة محاور رئيسية: أولاً، توفير المأوى؛ ثانيًا إحياء التراث والتي تضمن إعادة إحياء النسيج العمراني خاصة في قلب القاهرة التاريخية ومعالجة أكثر الأنماط العمرانية عُرضة للخطر كجزء من مسؤوليتنا في الحفاظ على الهوية الثقافية في مصر وتحسين جودة حياة السكان في تلك المناطق؛ وثالثًا، النهوض بالمجتمع من خلال مبادرات تمس الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والصحة.
إننا نعتبر عام 2025 محطة انطلاق نحو تعميق استراتيجيتنا وترجمتها إلى واقع ملموس، فهدفنا النهائي لا يقتصر على بناء وتطوير مجتمعات عمرانية، بل يشمل أيضًا بناء حياة، تمكين الإنسان، وتشكيل مستقبل أكثر استدامة وشمولاً للجميع.
استدامة: ما مستهدفات مدينة مصر في مسألة الاستدامة وما تحقق بالفعل؟ وكم بلغت استثمارات الشركة في هذا الشأن؟
دينا حبيب: تتبنى مدينة مصر نهجًا استراتيجيًا متكاملاً نحو الاستدامة، حيث تسعى إلى تحويل رؤيتها إلى أثر ملموس على أرض الواقع من خلال مبادرات نوعية تواكب توجهاتها الاستراتيجية. ويتجلى هذا الالتزام بوضوح في مختلف مشاريعها العمرانية ومبادراتها التي تجمع بين الأبعاد الثقافية والتنموية والصحية.
نعتمد في مشروعاتنا على تطوير مجتمعات عمرانية مستدامة تجمع بين التصميم الراقي ومعايير الاستدامة لتعزيز جودة حياة القاطنين بها. نطبق ممارسات مبتكرة تشمل استخدام مواد بناء صديقة للبيئة، واعتماد أحدث تقنيات ترشيد الطاقة والمياه، وفقًا لمعايير البناء المستدام. وتتميز مشروعاتنا بمساحات خضراء واسعة، مسطحات مائية، ومرافق صحية متكاملة، إلى جانب ممرات مخصصة للمشي، بما يعزز نمط الحياة المتوازن.
توقيع مذكرة تفاهم مع شركة المراكبي للصلب لتوريد حديد تسليح صديق للبيئة
وفي إطار التزامنا بالاستدامة، وقعت مدينة مصر مذكرة تفاهم مع شركة المراكبي للصلب، والتي تهدف إلى توريد حديد تسليح صديق للبيئة، وإدارة مخلفات مواقع البناء بما يتماشى مع جهود الدولة في خفض الانبعاثات وتعزيز الاقتصاد الدائري في قطاع البناء.
وتُعد مدينة مصر أول مطور عقاري يبرم مثل هذه الاتفاقية مع شركة المراكبي، حيث تعتمد على توريد غالبية احتياجاتها من الحديد منخفض الانبعاثات من المراكبي للصلب، ضمن استراتيجيتها لخفض بصمتها الكربونية من خلال جمع الخردة الناتجة عن مواقعها ومقاوليها وتحويلها إلى منتجات حديد جديدة.
إيمانا منها بقيمة إحياء التراث وفق استراتيجية الشركة، أطلقت مدينة مصر مشروع “بيوت الخليفة” بالتعاون مع جمعية الفكر العمراني ورعاية المجلس الأعلى للآثار في إبريل 2025، بهدف إحياء النسيج العمراني في شارع “الركبية” بالقاهرة التاريخية. يشمل المشروع، الممتد على مساحة 3000 متر مربع، ترميم مبنيين أثريين، وتجديد 19 واجهة، وتطوير 1200 متر مربع من المساحات العامة عبر التبليط والتشجير والإنارة. كما يتضمن إنشاء مزرعتين حضريتين باستخدام المياه الجوفية الناتجة عن مشروعات خفض منسوب المياه، إلى جانب دعم الصناعات التراثية وتوفير فرص تعليمية ومهنية، تعزيزًا للتنمية المستدامة والحفاظ على التراث ودعم مكانة القاهرة كوجهة سياحية عالمية.
كما شاركت مدينة مصر في مشروع ترميم سقف القاعة الرئيسية في بيت الرزاز التاريخي، أحد أبرز المعالم الأثرية في منطقة الدرب الأحمر، والذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر. يشمل المشروع إعادة ترميم السقف الزخرفي للقاعة الرئيسية، والتي تُعد جوهرة الفناء الشرقي للقصر، وذلك بالتعاون مع المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث والكحال لومز. ومن خلال هذه المبادرة، نسعى إلى الحفاظ على هذا الأثر التاريخي، وإبراز قيمته الفنية والتاريخية للأجيال القادمة، مما يساهم في تنمية مجتمعنا وتعزيز الهوية الثقافية.
لدعم المجتمعات المحلية وتعزيز الأمن الغذائي، واصلت الشركة شراكتها مع بنك الطعام المصري لتوزيع 10,000 كرتونة غذائية على الأسر الأكثر احتياجًا، بما يغطي احتياجات 50 ألف فرد، خاصة في محافظتي الجيزة والقليوبية. وقد شارك موظفو الشركة بأنفسهم في تعبئة الكراتين، في مبادرة تُجسد روح العطاء وتُعزز ثقافة التطوع والعمل المجتمعي داخل بيئة العمل. كما استكملت مدينة مصر تعاونها للعام الثاني مع مؤسسة الجود الخيرية ضمن مبادرة “مع بعض في الخير” في شهر رمضان المبارك، الهادفة لإطعام 36,000 صائم عبر وجبات اليومية، في موائد الرحمن في مشاريعها، تاج سيتي وسراي.
وعلى صعيد المبادرات الصحية، تكلفت مدينة مصر بعلاج كامل عدد من الحالات لدعم المرضى وتخفيف الأعباء المالية عنهم و بسلسلة ندوات توعوية للموظفات وزوجات الموظفين لزيادة الوعي بأهمية الوقاية والكشف المبكر عن سرطان الثدي خلال أكتوبر الماضي، بمشاركة خبراء متخصصين. وشملت المبادرة تقديم فحوصات طبية مجانية بالتعاون مع مستشفى بهية (فرعي الهرم وزايد)،
وتأتي هذه المبادرة تأكيدًا على التزام مدينة مصر بالمسؤولية المجتمعية، وتعزيز الوعي الصحي لضمان حصول الفئات الأكثر احتياجًا على الرعاية اللازمة في الوقت المناسب.
اقرأ أيضًا:
“مدينة مصر” تسجل مبيعات بقيمة 11.5 مليار جنيه بنهاية مارس 2025
وتابعت:”كما نفخر بشراكتنا مع Orange Corners Egypt، إحدى مبادرات سفارة مملكة هولندا، وذلك ضمن برنامجنا للمسؤولية المجتمعية. تهدف Orange Corners Egypt إلى دعم رواد الأعمال الشباب في مصر لبناء أعمال مستدامة ومربحة تُسهم في مجتمعات أكثر شمولاً وازدهارًا. تُسهم هذه الشراكة في تعزيز بيئة أعمال تنافسية ومبتكرة في مصر، مع تركيز خاص على دعم وتمكين الشباب في صعيد مصر ومنطقة الدلتا، وخلق منصة تواصل فعّالة للشراكات التي تُسهم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.”
تتزايد استثماراتنا في مجال الاستدامة بوتيرة مدروسة تعكس التزامنا العميق بتحقيق أثر إيجابي طويل الأمد. فنحن لا نعتبر الاستدامة مجرد مسؤولية، بل فرصة استراتيجية لإحداث تحول حقيقي في المجتمعات التي نعمل بها، من خلال مبادرات متكاملة تستهدف تمكين المجتمع والحفاظ على التراث والارتقاء بجودة الحياة، بما ينسجم مع أولوياتنا المؤسسية وأهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.