أمضت كل من “ميتا بلاتفورمز” و”أمازون دوت كوم” عام 2023 في خفض التكاليف وإعادة تركيز أعمالهما. وكانت هذه الاستراتيجية هي التي قلبت حياة عمال التكنولوجيا النازحين في سياتل ووادي السيليكون رأساً على عقب، ولكن يبدو أنها أثرت بشكل إيجابي على المستثمرين الذين يُرجح أن يستمروا في جني الفوائد.
أعلنت الشركتان تحقيق أرباح أفضل من المتوقعة يوم الخميس، ما أدى إلى ارتفاع أسعار أسهمهما بمقدار 270 مليار دولار في التعاملات الإضافية، والتأكيد على صحة استراتيجيات “شد الحزام” التي ميزت الأشهر الـ16 الماضية في قطاع التكنولوجيا.
وكشفت “ميتا”، التي خفضت عدد العاملين بنسبة 22% في عام 2023، عن خطة لإعادة شراء الأسهم بقيمة 50 مليار دولار، وأعلنت عن أول خطة ربع سنوية في تاريخها لتوزيع أرباح على المساهمين؛ ما يمثل إشارة للمستثمرين إلى أن لدى الشركة أموالاً فائضة، وأن هناك سبباً لاستمرارهم فيها. وسأل مستثمرو “أمازون” عن وجود أي خطط لإعادة رأس المال إلى المساهمين، وكان موقف المسؤولين التنفيذيين غير واضح. وباشرت “أمازون” أكبر جولة لها على الإطلاق من تخفيضات الوظائف بدءاً من عام 2022 والتي شملت حوالي 35 ألف موظف في العام الماضي. وأعلنت الشركة فعلاً عن تقليص مرتقب للمزيد من الوظائف خلال عام 2024، في أنشطة البث المباشر “برايم فيديو” (Prime Video) والاستوديوهات و”تويتش” (Twitch) التابعة لها.
ارتفاع كبير
كان المستثمرون سعداء برؤية شركتي التكنولوجيا – اللتين غالباً ما تسرفان في الإنفاق على مشاريع كبرى لا عائد من ورائها في المستقبل المنظور – تضيقان نطاق استثماراتهما لتقتصر على الأنشطة المربحة، كما قال غيل لوريا، العضو المنتدب في شركة “دي أيه ديفيدسون” (D.A. Davidson).
أضاف لوريا: “يؤتي الانضباط الجديد في التكلفة ثماره بالنسبة إلى المستثمرين، حيث تمكنت الشركتان من وقف الأعمال الأقل إنتاجية مع الاستمرار في استثمار بعض هذه المدخرات في المجالات الأسرع نمواً من أعمالهما”. في الوقت نفسه، تمكنت هاتان الشركتان من تسريع نمو الإيرادات، وبالتالي زيادة هوامش أرباحهما بشكل كبير”.
أعلنت كل من الشركتين أيضاً عن نمو الإيرادات خلال ربع العطلات في أعمالهما الأساسية – أي الإعلانات الرقمية لـ”ميتا” ومبيعات التجارة الإلكترونية لشركة”أمازون” – والتي تجاوزت التوقعات. ساهمت هذه النتائج في ارتفاع أسهم “ميتا” بنسبة 15% خلال ساعات التداول ما بعد الجلسة بينما ارتفع سهم “أمازون” بأكثر من 7%.
وأقر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، بأن نتائج الأعمال القوية تثير تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي على “ميتا” البدء في الاستثمار بكثافة مرة أخرى.
وقال يوم الخميس “السبب الأكبر الذي يمنعني من القيام بذلك هو فكرة أننا نعمل بصورة أفضل كلما كنا أصغر حجماً”. مضيفاً: “تدور دائماً أسئلة حول توظيف عدد قليل من الأشخاص للقيام بمهام معينة، وأعتقد أن لدي بعض التقديرات حول كيفية أن يضيف ذلك إلى الشركة”.
يُتوقع أن يحصل زوكربيرغ على حوالي 700 مليون دولار سنوياً من أول خطة لتوزيع الأرباح بالشركة على الإطلاق، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
المزيد من التطور
أعادت “ميتا” و”أمازون” لسنوات، استثمار الأرباح مرة أخرى في الشركات، ما أدى إلى زيادة التوظيف والتوسع في التقنيات وخطوط الأعمال الجديدة. وقد بدت الاستراتيجية واضحة بشكل متزايد في أعقاب جائحة كوفيد-19، عندما أنفقت الشركتان بقوة، فارتفع عدد موظفي “ميتا” بنسبة 30% في عام 2020، و23% أخرى في عام 2021، مع توجيه الشركة بأكملها نحو استثمار ضخم في تقنية الواقع المعزز والافتراضي التي يطلق عليها اسم “ميتافرس” (metaverse). من جانبها، ضاعفت أمازون حجم شبكة خدماتها اللوجستية لتلبية الطلب خلال فترة الوباء وزادت قوتها العاملة بنسبة 30% تقريباً في عام 2022 قبل أن تخفف الشركة من عمليات التوظيف وبناء مرافق جديدة.
ويدور السؤال الآن حول ما إذا كان بإمكان “ميتا” و”أمازون” الأصغر حجماً والأكثر تركيزاً الاستمرار في سعيهما لتحقيق التطورات التكنولوجية والطموحة التي جعلت منهما اسمين شهيرين.
الذكاء الاصطناعي
في حالة “ميتا”، يشمل ذلك الإنفاق بقوة على تطورات الذكاء الاصطناعي, سواء في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية وكذلك على التقنيات الخلفية للمساعدة في تغذية منتجات وسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز استهداف الإعلانات. لا يزال زوكربيرغ ملتزماً أيضاً بإنتاج سماعات الواقع الافتراضي “في آر” (VR) و”إي آر” (AR) ، علماً أن شركة “ريالتي لابس” (Reality Labs)، الذراع التابعة للشركة التي تصنع هذه الأنواع من التقنيات، تكبدت خسائر بقيمة 16 مليار دولار في عام 2023.
وقال زوكربيرغ إنه يخطط لأن يكون نمو عدد الموظفين “قليلاً نسبياً” لعام 2024 وما بعده على الرغم من طموحات الشركة الكبيرة. مضيفاً: “حتى نصل إلى القاع في قدرتنا على الإنجاز، أريد أن أبقي الأمور على حالها بعدد صغير من الموظفين لأنني أعتقد أن هذا هو المسار الصحيح الذي علينا القيام به”.
قال آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة “أمازون” إن الشركة خفضت تكلفة خدمة طلب العميل بحوالي 45 سنتاً لكل وحدة في عام 2023، وهو أول انخفاض لها على هذا المقياس منذ خمس سنوات، كما تعهد بمواصلة البحث عن طرق لخفض هذه التكاليف.
وقال المدير المالي بريان أولسافسكي إن الشركة ستتوخى الحذر بشأن الاستثمارات الجديدة. مضيفاً: “سنقوم بالمزيد من الاستثمارات حيث يمكننا العثور على الكفاءات والقيام بذلك بتكاليف أقل”.