شهدت مؤشرات البورصة المصرية تراجعًا جماعيًا بنهاية تعاملات اليوم الخميس، في أداء اتسم بالحذر والترقب، مدفوعًا بتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، بالتزامن مع موجة جني أرباح واضحة من جانب المستثمرين المحليين.
وتراجع المؤشر الرئيسي EGX30 بنسبة 1.29% ليغلق عند مستوى 32,511.68 نقطة، فاقدًا نحو 423 نقطة مقارنة بإغلاقه السابق. كما انخفض مؤشر EGX70 للأسهم الصغيرة والمتوسطة بنسبة 2.63% إلى 9,605 نقطة، في حين هبط مؤشر EGX100 الأوسع نطاقًا بنسبة 2.31% مسجلاً 13,070 نقطة.
جاء الأداء المتراجع مصحوبًا بانخفاض ملحوظ في مستويات السيولة، حيث بلغت قيمة التداول الإجمالية نحو 5.7 مليار جنيه، بينما فقد رأس المال السوقي للأسهم المقيدة حوالي 36 مليار جنيه ليغلق عند مستوى 2.296 تريليون جنيه.
ضغوط بيعية محلية وتماسك أجنبي وعربي
قالت رشا محسب، خبيرة أسواق المال، إن الأداء السلبي للبورصة المصرية في جلسة اليوم جاء انعكاسًا لحالة الترقب التي تسيطر على قرارات المستثمرين في ظل تصاعد الأحداث الجيوسياسية الإقليمية، فضلًا عن اتجاه جزء من المستثمرين المحليين إلى عمليات جني أرباح بعد الارتفاعات الأخيرة التي شهدتها السوق.
وأشارت إلى أن الضغوط البيعية التي قادها المستثمرون المصريون كانت المحرك الرئيسي للتراجعات المسجلة، في حين أظهر المستثمرون العرب والأجانب ميلًا للشراء الانتقائي، خاصة في الأسهم القيادية ذات التقييمات الجذابة على المدى المتوسط والطويل.
وأضافت محسب أن السوق المصري لا يزال يتحرك في نطاق عرضي مائل للتراجع في ظل حالة الحذر المسيطرة، لافتة إلى أن مؤشرات البورصة ستكون أكثر حساسية لأي تطورات سياسية أو اقتصادية قد تطرأ خلال الأيام المقبلة سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي.
ولفتت إلى أن اقتراب موسم إعلان الشركات عن نتائج أعمال النصف الأول من العام يمثل عاملًا قد يعيد جزءًا من الثقة إلى السوق إذا جاءت النتائج إيجابية وتفوق التوقعات، مؤكدة أن المستثمرين يراقبون عن كثب مؤشرات الاقتصاد الكلي، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وضبابية المشهد بشأن أسعار الفائدة.
أداء الأسهم وتوزيع السيولة
على صعيد حركة الأسهم، تصدرت أسهم القاهرة الوطنية للاستثمار قائمة الأعلى ارتفاعًا بعد أن قفزت بنسبة 19.98%، لتغلق عند 36.09 جنيه، تلتها أسهم سماد مصر (إيجيفرت) بنسبة 10.57% إلى 166.8 جنيه.
في المقابل، جاءت أسهم مصر الوطنية للصلب – عتاقة في مقدمة الخاسرين بهبوط تجاوز 10%، مغلقة عند 10.76 جنيه، تبعتها أسهم مطاحن مصر العليا بانخفاض بلغ 7.24% عند 430.2 جنيه.
وتوزعت السيولة بشكل متفاوت بين الأسهم القيادية والقطاعات الدفاعية، مع تراجع واضح في شهية المخاطرة لدى المتعاملين الأفراد.
خلفية المشهد الاقتصادي وتأثير الأحداث الإقليمية
منذ بداية العام، تمكن مؤشر EGX30 من تحقيق مكاسب تقارب 9.3% رغم موجات التذبذب التي صاحبت المشهد الاقتصادي المحلي والإقليمي، مدعومًا بعمليات شراء قوية من المؤسسات المالية الأجنبية، خاصة في القطاعات المصرفية والعقارية.
إلا أن تصاعد التوترات الجيوسياسية الأخيرة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، ألقى بظلاله الثقيلة على تحركات الأسواق المالية العربية عمومًا، والمصرية بشكل خاص، وسط مخاوف من اتساع دائرة التصعيد وتأثيره المباشر على شهية الاستثمار الأجنبي والمحلي.
توقعات حذرة للأسبوع المقبل
بحسب رؤية رشا محسب، تميل التوقعات للأسبوع المقبل إلى استمرار حالة التذبذب في نطاق عرضي مائل للهبوط، ما لم تظهر محفزات قوية تغير اتجاهات السوق. ورجحت أن يتحرك المؤشر الرئيسي EGX30 بين مستويات 32,000 إلى 33,000 نقطة، مع إمكانية إعادة اختبار مستويات 33,200 نقطة حال ظهور محفزات إيجابية قوية، سواء من نتائج أعمال الشركات الكبرى أو تحسن الأوضاع إقليميًا.
وأكدت محسب أن السوق المصري لا يزال يتمتع بمقومات استثمارية جيدة على المدى المتوسط والطويل، لكن العودة إلى الصعود القوي مشروطة بتحسن البيئة الاقتصادية الكلية وهدوء الأوضاع السياسية في الإقليم، إلى جانب استقرار أسعار الصرف والسياسات النقدية.
المحصلة
يبقى المشهد العام للبورصة المصرية محكومًا في الوقت الراهن بتوازن دقيق بين التحديات الإقليمية والفرص المرتقبة في نتائج أعمال الشركات، وسط ترقب المتعاملين لأي إشارات قد تعيد السيولة وتدفع المؤشرات إلى التعافي.