وتوضح أنه منذ بداية العام، تقلصت الاستثمارات في الطاقة الشمسية بنحو 14 مليار دولار، وسط مخاوف من تصويت الجمهوريين على إلغاء التحفيزات الضريبية التي كان قد أقرّها الديمقراطيون سابقًا، بما في ذلك دعم الأسر الأميركية للحصول على الطاقة الشمسية المنزلية.
وقد بدأت الشركات تفقد الكثير من قيمتها السوقية، وتقديم طلبات لإشهار الإفلاس. والأهم من ذلك أن هذه الشركات اكتشفت أن بطاريات التخزين -وهي العنصر الرئيسي في التوزيع اللحظي والإنتاج المحلي– كلها تُصنّع في الصين، في حين أن هذه البطاريات تحتاج إلى وقت وتمويل.
وعلى ذكر الصين، فلا تزال بكين تُنتج 85 بالمئة من الخلايا الشمسية في العالم و79 بالمئة من البولي سيليكون، المادة الأساسية في الخلايا، بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أفاد بأن الألواح المصنوعة في الصين تظل أرخص بكثير، حيث يبلغ سعرها 10 سنتات للواط، مقارنةً بـ 30 سنتاً للواط للألواح المصنوعة في الولايات المتحدة، وفقًا لشركة وود ماكنزي.
وشنت واشنطن حملةً صارمةً على واردات قطع غيار الطاقة الشمسية من الصين والشركات الصينية. وقد ضاعف الرئيس الأميركي السابق جو بايدن الرسوم الجمركية الأميركية على منتجات الطاقة الشمسية الصينية إلى 50 بالمئة، وهدد ترامب بزيادة الرسوم بنسبة 10 بالمئة إضافية. وقد أُعفيت البولي سيليكون والرقائق من دول أخرى مما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب.
ترامب يضرب “الطاقة الخضراء”
وفي سياق متصل، تحت عنوان “ترامب يضرب الطاقة الخضراء بقوة”، يشير تقرير لـ “فورين بوليسي” إلى أن:
- في 22 مايو، أقرّ مجلس النواب الأميركي، ذو الأغلبية الجمهورية، مشروع قانون موازنة يتضمن إلغاء الإعفاءات الضريبية والدعم المقدم عبر قانون خفض التضخم، والذي يُعد ركيزة في سياسة إدارة بايدن لدعم شركات التكنولوجيا النظيفة.
- هذا القرار، إلى جانب خطط الرئيس دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية واسعة، يهدد مستقبل قطاع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، إذ سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتجات وصعوبة تنافسها محلياً ودولياً، ويثبط الاستثمارات الخاصة.
- رغم الجهود لتوطين إنتاج البطاريات والألواح الشمسية، إلا أن الولايات المتحدة ما زالت تعتمد على الصين في استيراد مكونات أساسية، مثل رقائق السيليكون وكاثودات البطاريات.
- كما أن معظم المواد الخام المستخدمة في إنتاج البطاريات لا تزال تُستورد بنسبة 85 بالمئة، ما يجعل الرسوم الجمركية ضربة قاسية، إذ يُتوقع أن ترتفع أسعار البطاريات الأميركية بنسبة 17.5 بالمئة بحلول 2026.
- في ظل هذا الواقع، ومع فائض الإنتاج العالمي الذي تقوده الصين، فإن بناء سلاسل توريد مستقلة يبدو مهمة شاقة، خاصة إذا لجأت الشركات الصينية لخفض أسعارها لتعزيز حصصها.
تحديات كبيرة
من جانبه، يلفت الباحث الاقتصادي عامر الشوبكي، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن الشركات الأميركية المذكورة العاملة بقطاع الطاقة الشمسية تواجه تحديات حقيقية نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة من البنوك، مما أدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض، وهو ما جعل التمويل غير جاذب للمستهلكين، بل وأثّر أيضًا على هذه الشركات نفسها.
ويضيف: لقد تزامنت هذه الأزمة مع توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو تقليص حوافز الطاقة النظيفة، وهي الحوافز التي شكلت دافعاً رئيسياً للعديد من المواطنين نحو تركيب أنظمة الطاقة المتجددة. الآن، هناك توجه لإلغاء هذه الحوافز تمامًا، خاصة تلك المرتبطة بقروض الإسكان المدرجة تحت قانون خفض التضخم، الذي تنوي إدارة ترامب إلغاؤه.
هذا الخليط من التغيرات والسياسات ساهم بشكل مباشر في إفلاس عدد من الشركات الكبرى، بينما اضطرت شركات أخرى إلى تسريح ما يصل إلى 55 بالمئة من موظفيها. كما تراكمت الديون على شركات لم تعلن إفلاسها بعد، وإن كانت في وضع حرج.
اقرأ أيضًا:
رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية في قطاع الكهرباء والطاقة خلال السنوات العشر القادمة
ويشدد على أن “الانهيار الذي نراه اليوم يؤثر على السوق بشكل مباشر، مسببًا ما يمكن وصفه بألم سوقي، وحالة من التصفية المؤقتة”، موضحاً أن قطاع الطاقة الشمسية يمرّ بأزمة واضحة، حيث تغادر الشركات المثقلة بالديون السوق، والمستهلكون يتراجعون مع توقف آلاف المشاريع، لا سيما في ولاية كاليفورنيا، التي كانت تحتضن نحو 80 بالمئة من أنظمة تركيب الطاقة الشمسية للمنازل والشركات.
ويستطرد: لكن لا يمكننا القول إن هذه الصناعة قد انتهت، بل نحن نشهد تصفية لجزء محدد منها، وهو قطاع الطاقة الشمسية المنزلية على وجه التحديد. آلاف الوظائف في خطر ضمن هذا القطاع، إلا أن الطلب الأساسي على الطاقة الشمسية ما زال قائمًا، وإن كان بمستويات أقل، ما يفتح المجال أمام الشركات القادرة على الصمود والاستمرار.