أكد الدكتور محمود محيي الدين، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية، أن الاستثمار في الإنسان هو أقوى استثمار يمكن لأي دولة أن تقوم به لضمان مستقبل مستدام اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا، مشددًا على أن التعليم والرعاية الصحية يمثلان حجر الزاوية لأي نهضة حقيقية.
جاء ذلك خلال مشاركته في ختام الموسم الرابع من برنامج “شغل عالي”، حيث ألقى محيي الدين كلمة شاملة تناولت قضايا محورية ترتبط بالتنمية المستدامة، ودور رأس المال البشري، والقطاع الخاص، وفعالية السياسات العامة.
وقال إن “التعليم والرعاية الصحية هما أفضل استثمار اقتصادي مستدام”، مشيرًا إلى أن المجتمعات التي تضع الإنسان في قلب عملية التنمية تحقق نتائج أكثر استقرارًا ودوامًا. وأضاف: “الناس هم رأس المال الحقيقي لأي اقتصاد، وأي هدر في طاقاتهم أو تقييد لإمكانياتهم هو هدر مباشر للفرص التنموية”.
وأشار محيي الدين إلى أن الاستدامة الحقيقية لا تُقاس بالشعارات أو بالخطط فقط، بل بقدرتنا على “قياس الأثر الفعلي” لما نقوم به، سواء على حياة الناس أو على كفاءة استخدام الموارد، أو على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن جودة الكوادر البشرية عنصر لا يتجزأ من جهود الاستدامة، مؤكدًا أن التنمية البيئية والاجتماعية لن تكتمل دون تنمية موازية في القدرات البشرية، وبناء الإنسان القادر على قيادة وتحقيق هذه الأهداف.
ملف الاقتصاد
وفي ملف الاقتصاد، شدّد محيي الدين على أن قيام الدولة بأدوار منوطة بالقطاع الخاص يُعد خطأ جسيمًا، موضحًا أن دور الدولة يجب أن يكون في الدعم والتنظيم، وخلق بيئة أعمال محفزة، لا في الحلول محل السوق والقطاع الخاص، الذي يُعد محركًا أساسيًا للنمو وتوفير فرص العمل.
وتحدث أيضًا عن قضية الهجرة، مؤكدًا أن مصر تُعد من الدول الأكثر تضررًا من الهجرة سواء العشوائية أو المنظمة، مشيرًا إلى أن الهجرة تؤثر سلبًا على سوق العمل وعلى مستوى رأس المال البشري المحلي. ودعا إلى وضع سياسات واضحة وفعالة لاحتواء الكفاءات داخل الوطن، وتوفير بيئة محفزة للإبداع والعمل المنتج.
وأشار إلى أن الدول الأكثر تنافسية في الاقتصاد العالمي اليوم ليست الأغنى بالموارد الطبيعية، بل الأغنى بثروتها البشرية، موضحًا أن “من يملك الإنسان المؤهل، يملك المستقبل”.
مناخ الاستثمار والأعمال
وفي سياق حديثه عن مناخ الاستثمار والأعمال، قال د. محمود محيي الدين إن القطاع الخاص في مصر ما زال مكبلًا بقيود بيروقراطية حكومية، تعرقل نموه وتحد من قدرته على الابتكار والمنافسة. وأضاف: “بيئة الأعمال تحتاج إلى تحرير حقيقي، تعتمد على الشفافية، وسرعة الإجراءات، وحوافز حقيقية للنمو”.
وفي لفتة واقعية، أشار إلى محدودية التوسع لبعض المشاريع أو الشركات، قائلًا بوضوح: “ليس لدينا فروع أخرى.. دي حاجة تكسف”، في إشارة إلى الحاجة للتوسع والنمو الجغرافي والوظيفي للكيانات الاقتصادية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن “مصر تملك كل مقومات وفرص النجاح”، مشيرًا إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في غياب الإمكانيات، بل في كيفية إدارتها واستغلالها بالشكل الذي يخدم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة