أطلقت الحكومة المصرية خلال العام الجاري عدداً من المبادرات والإجراءات الهادفة إلى دعم التوسع في الوحدات الفندقية، استعداداً لاستيعاب 30 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2031، وهو الهدف الذي أعلنته الدولة ضمن خطتها لتعزيز القطاع السياحي.
اقرأ أيضًا:
المالية تستهدف جمع ما بين 1.25 و1.5 مليار دولار من طرح 4 شركات حكومية العام الجاري
وتضمنت هذه المبادرات منح تسهيلات لتحويل المنشآت السكنية والتجارية والإدارية والمختلطة إلى الاستخدام الفندقي، بما يتيح زيادة عدد المنشآت والوحدات الفندقية في مختلف المناطق.
مصر تمنح تيسيرات جديدة لزيادة الطاقة الفندقية
كما شملت المبادرات مد مهلة إضافية لمدة 6 أشهر لمبادرة التسهيلات التمويلية بقيمة 50 مليار جنيه، اعتباراً من 20 أكتوبر 2025، على أن تتحمل الدولة فارق سعر الفائدة، بهدف دعم المستثمرين وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الفندقية.
وتأتي هذه الخطوات في إطار تحركات الدولة لتعزيز الطاقة الفندقية وتهيئة البنية السياحية لاستيعاب النمو المتوقع في حركة السياحة خلال السنوات المقبلة، لاسيما مع افتتاح المتحف المصري الكبير في غرب القاهرة.
طلب كبير
قالت المديرة الأولى للأبحاث في مصر والإمارات بشركة “نايت فرانك” علياء الإسحاقي، إن المتحف المصري الكبير سيصبح محركاً رئيسياً لتحوّل سوق الضيافة في القاهرة الكبرى، حيث سيؤدي افتتاحه إلى تدفق هائل من الزوار والسياح من مختلف أنحاء المنطقة والعالم.
وأضافت الإسحاقي لـ”العربية Business” أن منطقة غرب القاهرة ستكون الأكثر استفادة من هذا الزخم السياحي، حيث يُتوقع ارتفاع الطلب على الغرف الفندقية وزيادة الإقبال على الإقامة الممتدة مثل الشقق الفندقية، باعتبارها خياراً مناسباً للعائلات، وبما يواكب النمو المتصاعد لهذا النوع من الطلب في المنطقة.
وأوضحت أنه حتى الربع الثالث من 2024 لا يزال سوق الشقق الفندقية والعقارات السكنية الفاخرة ذات العلامات التجارية في غرب القاهرة محدوداً ومجزأ، إلا أنه من المنتظر دخول أكثر من 2,000 وحدة جديدة اعتباراً من 2027.
وأشار تقرير نايت فرانك “Destination Egypt 2025” إلى أن 81% من المستثمرين الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، من بين أكثر من 250 مشاركاً بالتقرير، أبدوا اهتمامهم بشراء وحدات سكنية تحمل علامات تجارية عالمية في مصر، فيما أكد 80% منهم أنهم يخططون لاستخدامها شخصياً، بينما يعتزم ما يقرب من نصفهم استخدامها كوحدات لقضاء العطلات، بحسب الإسحاقي.
كما أظهر التقرير أن المستثمرين من الإمارات والسعودية يزورون مصر عدة مرات سنوياً بنسب بلغت 34% و41% على التوالي.
ولفتت الإسحاقي إلى أن هذه المؤشرات تعكس توقعات بزيادة ملحوظة في الطلب على الإقامة الفندقية والوحدات السكنية ذات العلامات الفاخرة، في ظل بطء نمو المعروض، معززةً بذلك جاذبية القاهرة كوجهة سياحية واستثمارية، خصوصاً بين المستثمرين الأثرياء في المنطقة عقب افتتاح المتحف المصري الكبير.
علامات فندقية جديدة
كما أظهر أحدث تقرير لشركة “سفلز مصر” أن القطاع الفندقي يواصل وتيرة نمو قوية، مدفوعاً بحزمة من المبادرات الحكومية الرامية إلى مضاعفة الطاقة الفندقية لتصل إلى نحو 470 ألف غرفة بحلول عام 2028.
ويقود هذا الزخم اهتماما متزايدا من العلامات الفندقية العالمية بالتوسع في السوق المصرية، إلى جانب توجه متنامٍ لإعادة توظيف المباني التاريخية في وسط القاهرة وتحويلها إلى فنادق عصرية تلائم متطلبات الضيافة الحديثة. وسجلت معدلات الإشغال الفندقي نحو 75% في مطلع عام 2025، بحسب التقرير.
وقال رئيس مكتب سفلز مصر للاستشارات العقارية، كاتسبي لانجر باجت، لـ”العربية Business” إن عدد العلامات الفندقية العالمية العاملة في مصر مرشح للارتفاع إلى 22 علامة خلال ست سنوات، مقارنة بـ أربع علامات فقط حالياً، تشمل IHG وهيلتون وأكور وماريوت.
وتقدر سفلز عدد الغرف الفندقية في مصر بحوالي 220 ألف غرفة في عام 2025، مع توقعات بتجاوز العدد 470 ألف غرفة بحلول 2028، مدفوعاً بخطط التوسع الحكومية والمشروعات السياحية الجديدة.
اتجاه ملاك الشقق بالأهرامات للتأجير الفندقي
قال الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة Veesta لإدارة الوحدات الفندقية، هيثم فارس، إن مُلّاك الشقق السكنية في محيط منطقة الأهرامات بدأوا مؤخراً في التوجه إلى الشركات المتخصصة في إدارة وتشغيل الشقق الفندقية، وذلك لطرح وحداتهم للإيجار للأجانب.
وأشار إلى أن توفير معروض حقيقي من الوحدات الفندقية في غرب القاهرة سيحتاج فترة تتراوح بين 6 أشهر إلى عامين، نظراً للوقت اللازم لتجهيز الوحدات ورفع كفاءتها بما يتوافق مع المعايير الفندقية المعتمدة.
وأوضح فارس لـ”العربية Business” أن سوق الشقق الفندقية في القاهرة ما يزال يتركز بشكل كبير في منطقتي التجمع الخامس والزمالك، بينما لا توجد وفرة حتى لو بشكل محدود في منطقة غرب القاهرة، رغم ارتفاع الطلب المتوقع مع افتتاح المتحف المصري الكبير.
وأضاف أن القاهرة تضم نحو 5,000 وحدة فندقية، من بينها 2,700 شقة فندقية عالية الجودة يتجاوز سعر الليلة الواحدة فيها 80 دولاراً، مشيراً إلى أن 40% من هذه الشقق تقع في الزمالك و40% في التجمع الخامس، بينما تتوزع النسبة المتبقية بين مصر الجديدة والمعادي ومدينة السادس من أكتوبر، بما لا يتجاوز 7% فقط في كل منها.
وأكد أن تحويل الشقة السكنية إلى وحدة فندقية ذات معايير مناسبة يتطلب استثماراً لا يقل عن مليون جنيه خلال فترة تمتد إلى ثلاثة أشهر، لضمان تحقيق مستوى تشطيبات وتجهيزات يلائم متطلبات التشغيل الفندقي.
واقترح فارس إطلاق برامج تمويل ميسّرة لمساعدة الأفراد على تأهيل وحداتهم السكنية وتحويلها إلى وحدات فندقية، على أن تُدار لاحقاً من قبل شركات متخصصة، بما يسهم في رفع جودة المعروض وزيادة الطاقة الاستيعابية للقطاع الفندقي في غرب القاهرة.
وحدات مضاعفة خلال عام
قال المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «بيردنست»، مصطفى النحوي، إن تسريع وتبسيط إجراءات الترخيص لتحويل الوحدات السكنية والتجارية والإدارية إلى وحدات فندقية من شأنه أن يضاعف حجم المعروض ليصل إلى نحو 10 آلاف وحدة خلال عام 2026، مقابل نحو 5,000 وحدة فقط حالياً، بعد أن كان محدوداً عند نحو 2,000 وحدة قبل عامين فقط.
اقرأ أيضًا:
وأضاف النحوي لـ”العربية Business” أن تحويل الوحدات السكنية إلى فندقية يُعد نشاطاً أسرع وأقل تكلفة من إنشاء الفنادق التقليدية، نظراً لاتباعه المعايير الفندقية الأساسية مع تقديم خدمات محدودة، ما يساهم في خفض تكلفة الإقامة وزيادة القدرة الاستيعابية للسوق.
وأوضح أن هذه الآلية قادرة على دفع السوق لإضافة ما بين 50 إلى 100 ألف وحدة فندقية خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب نحو 100 ألف غرفة تخطط شركات التطوير العقاري لإضافتها خلال الفترة ذاتها، بما يعزز مستهدفات الدولة لرفع الطاقة الفندقية إلى نحو 334 ألف غرفة خلال عشر سنوات.














