في ضوء ذلك، يُطرح سؤالان مصيريان: أولًا، ما انعكاسات هذه الصفقة على سعر صرف الجنيه المصري؟ وثانيًا، كيف تترجم إلى تحسين التصنيفات الائتمانية لمصر؟
أثر الصفقة على سعر الجنيه المصري
ستدعم صفقة “علم الروم” زيادة تدفقات العملات الأجنبية، إذ يُعد استثمارا مباشرا بهذا الحجم ضخًا مهمًا للعملة الصعبة ضمن احتياطات الدولة، ما يقلّل الضغوط على الجنيه ويعزّز ثقة الأسواق المحلية والدولية بالعملة.
كما سيخفض العجز الجاري إلى احتياطي النقد الأجنبي، ومع ارتفاع الاستثمارات إلى هذا الحجم، تتراجع الحاجة إلى السحب من احتياطي النقد، وتتحسّن موازنة المدفوعات، ما يعمِّق استقرار سعر الصرف — وهو عامل أساسي في معالجة ضعف العملة. ويعتبر الترابط بين الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) والتصنيف الائتماني قوياً في مصر.
ومن المرتقب أن يكون للصفقة تأثير نفسي في السوق، حيث يعزّز ثقة المستثمرين والسوق المالية والجنيه، وربما يساهم في تقليص المضاربات على تراجع العملة.
ومن المرجّح أن تساهم الصفقة في دعم الجنيه المصري على المدى المتوسط.
تأثير صفقة “علم الروم” على تصنيفات مصر الائتمانية
تُعد الصفقة واحدة من أبرز التطورات الاقتصادية التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة، نظراً لتأثيرها المباشر على مؤشرات الاستثمار والنمو المالي. ففي أكتوبر 2025، رفعت وكالة S&P Global Ratings تصنيف مصر من B- إلى B، مستشهدة بتحسن معدلات النمو وتزايد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهي العوامل ذاتها التي تُعززها هذه الصفقة الضخمة البالغة قيمتها نحو 30 مليار دولار.
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) ونمو الناتج المحلي الإجمالي يُعدان من أهم العوامل التي تدفع وكالات التصنيف الائتماني إلى تعديل تقييماتها بشكل إيجابي. وفي هذا السياق، تمثل صفقة “علم الروم” نموذجاً عملياً يجسد هذه المعادلة، إذ تؤكد على قدرة الاقتصاد المصري على جذب رؤوس الأموال طويلة الأجل، بما يدعم الثقة في استقراره المالي.
من ناحية أخرى، أوضح وزير المالية المصري أحمد كجوك أن جزءاً من عوائد الصفقة سيُوجّه مباشرة إلى خفض الدين العام وتحسين المديونية، وهو عامل رئيسي توليه وكالات التصنيف أهمية كبيرة عند تقييم الجدارة الائتمانية للدول. ويُتوقع أن تُسهم هذه الخطوة في تحسين مؤشرات الدين إلى الناتج المحلي ونسب السيولة الخارجية، ما يعزز النظرة المستقبلية الإيجابية لمصر.
كما تمثل الصفقة إشارة قوية على الثقة والاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، إذ إن جذب استثمار عربي بهذا الحجم يعكس بيئة أعمال أكثر أماناً وتوقعات متفائلة بشأن العائد على الاستثمار. مثل هذه الإشارات عادةً ما تُسهم في خفض تقديرات المخاطر السيادية وتحسين صورة الدولة لدى المؤسسات المالية العالمية.
وبناءً على ذلك، تُعد صفقة “علم الروم” إضافة نوعية إلى ملف مصر الائتماني، إذ تجمع بين تحسين المؤشرات المالية، وتعزيز الثقة في الاقتصاد، وتدعيم قدرة الدولة على سداد التزاماتها المستقبلية. ومع استمرار تدفق الاستثمارات وتنفيذ المشروع على المدى الطويل، من المرجح أن تصبح الصفقة إحدى الركائز الداعمة لترقية تصنيف مصر الائتماني مجدداً في السنوات المقبلة.
خفض ديون مصر
ويتوقع الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي – مصر، هشام عز العرب، في مقابلة مع “العربية Business”، أن تدعم الصفقة خفض الدين العام في مصر.
وقال عز العرب إن الدولة المصرية تعاني حالياً من ارتفاع أعباء خدمة الدين العام التي تشمل الفوائد وغيرها، ويرى أن من الأفضل توجيه متحصلات بيع أي أصول سواء أراضٍ أو شركات أو رخص لمشروعات لتخفيض الدين العام وهو ما يقلل عبء خدمة الدين في الموازنة مما يعزز جهود الحكومة في دعم الفئات الأكثر احتياجاً.
وقد ارتفعت سندات مصر الدولية يوم الأربعاء الماضي بعد الإعلان عن صفقة علم الروم القطرية 0.4 سنت للدولار بعدما بدأت التداولات على تراجع. وسجلت السندات أجل 50 عاماً 94 سنتًا للدولار.
تأثيرها على قطاع العقارات والبورصة المصرية
وقد انعكست الصفقة أيجابيًا على أداء البورصة المصرية في يوم الإعلان عن توقيعها. وقال عضو مجلس إدارة شركة كابيتال فاينانشال القابضة للاستشارات المالية، حسام عيد، إن صفقة “الديار القطرية” أحدثت دفعة قوية في البورصة المصرية ورفعت المؤشر الرئيسي إلى مستويات قياسية.
اقرأ أيضًا:
وزير الإسكان: استرداد 55 فدانًا و170 قطعة أرض بمدينتي سفنكس الجديدة والعاشر من رمضان
أضاف في مقابلة مع “العربية Business”، أن قطاع العقارات هو المستفيد الأكبر من الصفقة، نظراً لحجمها الكبير وتأثيرها المباشر على النشاط الاقتصادي.
وتمثّل صفقة “علِم الرُّوم” دفعة استراتيجية للاقتصاد المصري؛ فهي تدعم الجنيه المصري عبر تدفق العملة الأجنبية وتوفير موارد، كما تُعزّز فرص تحسين التصنيف السيادي لمصر عبر تحسين المديونية وجذب الاستثمار. لكنّ الأثر الكامل يعتمد على التنفيذ والمتابعة والاستمرار في الإصلاحات.













