قفزت فاتورة الوقود المسلّم إلى محطات الكهرباء في مصر بنحو 33% إلى 24 مليار جنيه شهرياً في المتوسط خلال العام الجاري، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة سعر بيع الكهرباء للمستهلك، بحسب مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين تحدثوا مع “الشرق”.
اقرأ أيضًا:
أرجع المسؤولون الحكوميون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أسباب ارتفاع فاتورة الوقود إلى زيادة سعر تسليم الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء إلى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية بدلاً من 3 دولارات. هذه الزيادة رفعت تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو 7.7% لتصل إلى متوسط 4.8 سنت لكل كيلووات/ساعة ما يعادل نحو 2.41 جنيه، مقابل 4.46 سنت عام 2024.
بحسب حافظ سلماوي، رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك الأسبق، فإن الوقود يشكل نحو 45% من تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، في حين تتوقف النسبة المتبقية على قطع الغيار وعوامل أخرى مثل الصيانة وغير ذلك.
قدر سلماوي في حديث لـ”الشرق”، أن هذه الزيادة بنسبة 33% ستؤدي بشكل مبدئي لارتفاع أسعار بيع الكهرباء للمستهلك بنحو 12% لكل كيلووات/ساعة، موضحاً أن تلك الحسابات والتكلفة تعتمد أيضاً على سعر صرف الدولار أمام الجنيه.
في أغسطس الماضي، رفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسب تراوحت بين 14% و40% للمنازل على العدادات مسبقة الدفع، وعلى القطاع التجاري بما يتراوح بين 23.5% و46%، والصناعي بين 21.2% و31%.
“أتوقع قيام الحكومة خلال شهر يوليو المقبل بتعديل تعرفة الطاقة الكهربائية للمستهلكين، وتحريكها لتغطية جزء من تلك التكلفة”، على حد قول سلماوي، مشيراً إلى أن “وزارة الكهرباء ما زالت تقدم دعماً لسعر الطاقة للمستهلكين”.
وبلغت مخصصات دعم الكهرباء نحو 75 مليار جنيه، وفق مشروع الحكومة لموازنة العام المالي الجديد 2025-2026.
مساعٍ لعدم تكرر أزمة الكهرباء
تواجه مصر مخاوف من مواجهة أزمة كهرباء كالتي شهدتها خلال صيف العام الماضي، حين لجأت إلى قطع الكهرباء لمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات يومياً بالتناوب بين المناطق المختلفة.
أحد المسؤولين الحكوميين الذين تحدثوا لـ”الشرق”، أشار إلى أن استهلاك قطاع الكهرباء والطاقة من الغاز الطبيعي بلغ 35 مليار متر مكعب خلال العام الماضي، وسط توقعات بارتفاعه بين 8% و9% خلال العام الجاري.
تملك مصر طاقة إنتاجية من الكهرباء تصل إلى 59 ألف ميجاوات، وهو ما يفترض أن يغطي الطلب الذي بلغ 38 ألف ميجاوات خلال أشهر الصيف الماضي.
ولكن غالبية محطات توليد الكهرباء في مصر تعمل على الغاز، ومع تقادم بعض الحقول، هوى إنتاج البلاد ليصل إلى 4.35 مليار قدم مكعب يومياً، في حين أن الاحتياجات اليومية بلغت نحو 6.2 مليار قدم مكعب، وترتفع خلال الصيف، ما أثر على محطات الكهرباء.
ولضمان عدم تكرر هذه الأزمة، تعتزم مصر استيراد ما بين 155 و160 شحنة غاز مسال خلال العام الجاري لسد الفجوة بين الاحتياج الفعلي للسوق والإنتاج المحلي، بالإضافة إلى تشجيع الشركات المحلية والدولية العاملة في مصر، على زيادة إنتاجها من الغاز.
لا تأثير لزيادة سعر السولار
قبل أيام، رفعت مصر، للمرة الثانية خلال 6 أشهر، أسعار البنزين والسولار بنحو جنيهين للتر. ولكن مسؤولاً حكومياً قلل خلال حديثه لـ”الشرق” من تأثير زيادة سعر السولار على كلفة الكهرباء، لأن نسبة استخدامه في تشغيل المحطات لا تتخطى 1%.
وأضاف أن “تكلفة زيادة أسعار السولار لا تتخطى 4 إلى 5 ملايين جنيه سنوياً، لا سيما وأن استهلاك محطات الكهرباء من السولار للتشغيل يصل لنحو 120 ألف لتر”.
فرصة للتحول في الطاقة
محمد صلاح السبكي، الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الأسبق، يرى أن زيادة أسعار الوقود ستكون حافزاً لوزارة الكهرباء والحكومة للتوسع في الإنتاج من المصادر المتجددة، خصوصاً أن سعر الكيلووات من الطاقة المتجددة حالياً أقل من التقليدية بأكثر من 50%.
وأضاف السبكي لـ”الشرق” أن تحريك سعر الوقود الذي نفذته مصر قبل أيام، كان ضرورياً لمعالجة التشوهات المالية بين بعض الجهات الحكومية، خصوصاً مع تحمل وزارة البترول بلعض هذه التكاليف، ما زاد من الأعباء عليه.
في الوقت ذاته، فإن الوزارة كانت تعمل على تخفيف الأعباء والمستحقات، لتشجيع الاستثمار الأجنبي في الاستكشافات، بهدف زيادة إنتاج مصر من البترول والغاز الطبيعي.
اقرأ أيضًا:
أجهزة الدفع والطاقة الشمسية تقود نمو “الجزائرية للصناعات الإلكترونية”
واتخذت مصر عدة إجراءات في الآونة الأخيرة في هذا الإطار، منها زيادة سعر شراء الغاز المُستخرج حديثاً من حقول 3 شركات، هي “أباتشي”الأميركية و”كايرون بتروليوم” البريطانية “و”آي بي آر الوسطاني للبترول” التابعة لمجموعة “أي بي أر” (IBR) للطاقة، بنحو 61% ليصل سعر المليون وحدة حرارية بريطانية إلى 4.25 دولار مقابل 2.65 دولار في المتوسط بالاتفاقيات السابقة.