تتجه البنوك المصرية إلى طرح أوعية ادخارية بعوائد متغيرة مرتبطة بسعر إيداع البنك المركزي، تزامناً مع بدء خفض الفائدة على الأوعية ذات العوائد الثابتة، وذلك قبل أيام قليلة من أول اجتماع للجنة السياسة النقدية، وسط توقعات بخفض الفائدة لأول مرة منذ 4 سنوات من جانب البعض والتثبيت من جانب آخر من الاقتصاديين.
اقرأ أيضًا:
اتش سي: نتوقع تثبيت البنك المركزي المصري سعر الفائدة في اجتماعه المقبل
خفض بنك مصر، والتجاري الدولي مصر، وقطر الوطني الأهلي، و”إي جي بنك”، أسعار الفائدة على بعض شهادات الاستثمار والودائع خلال الأيام القليلة الماضية. وهو ما عزاه رئيس أحد البنوك الخاصة الكبيرة في مصر لـ”الشرق” إلى “تفادي تحمل سداد فائدة للعملاء بأسعار مرتفعة خلال السنوات الثلاث المقبلة، في ظل عدم وجود استثمارات طويلة الأجل أمام البنك لاستثمار هذه المدخرات، بما يحقق عوائد تفوق معدلات الفائدة الحالية، وتتجه البنوك حالياً لخفض العوائد على الشهادات لتتماشى مع عوائد سندات الخزانة”.
شهادات الادخار في مصر
يعتمد قطاع كبير من المصريين، خاصة كبار السن على فوائد البنوك لتغطية مصروفاتهم المعيشية في ظل تراجع الأجور. وتوفر المصارف شهادات ادخارية بفترات زمنية تبدأ في العادة من سنة إلى ثلاث سنوات بعوائد تصل إلى 27% سنوياً، بالإضافة إلى ودائع تتراوح مدتها بين أسبوع وسبع سنوات بعوائد سنوية تصل إلى 13%.
هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي في “إتش سي” قالت لـ”الشرق” إن أرباح البنوك ستتأثر سلباً بشكل تدريجي جراء خفض الفائدة، مشيرة إلى أنها ستواجه هذا التراجع بزيادة معدل توظيف الأموال في القروض.
ويبلغ سعر عائد الإيداع 27.25%، وسعر الإقراض 28.25% لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي المصري 27.75%.
توقعات سعر الفائدة في مصر
تباينت توقعات المحللين حول مسار أسعار الفائدة في مصر بأول اجتماع للسياسة النقدية هذا العام، والمقرر عقده الخميس المقبل، وسط مخاوف من الضغوط التضخمية بفعل استمرار التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والإجراءات الحمائية على التجارة العالمية، وتأثير ضبط الموازنة العامة، فيما ترسل البنوك المصرية إشارات استباقية بخفض مرتقب.
ويُعد هذا أول انقسام لتقديرات المحللين بعد توافق للآراء دام طوال الاجتماعات الستة الماضية على الإبقاء على المعدل دون تغيير.
تباطأ معدل التضخم في مدن مصر، خلال يناير الماضي على نحو طفيف بعد ارتفاع أسعار الغذاء، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة أمس، حيث بلغ 24% على أساس سنوي الشهر الماضي مقابل 24.1% في ديسمبر. وسجلت أسعار الغذاء والمشروبات، وهي أكبر مؤثر على مستوى التضخم، ارتفاعاً بنسبة 20.8% على أساس سنوي الشهر الماضي، مقارنةً بـ20.3% في ديسمبر.
في استطلاع الشرق لآراء 11 بنكاً استثمارياً، يرى المؤيدون لإبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير أن هناك ضغوطاً تضخمية موسمية محتملة خلال شهر رمضان المقبل، بجانب ضغوط كامنة لم تظهر بعد بسبب الإجراءات الحمائية التي يقرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وصرح مصرفيون لـ”الشرق”، أن غالبية البنوك تعمل حالياً على طرح أوعية ادخارية بأسعار فائدة متغيرة بدلاً من العوائد الثابتة، لتقليل عبء تكلفة الفائدة حال خفضها من قبل البنك المركزي هذا العام، مشيرين إلى أن” البنوك تتجنب حالياً طرح أوعية ادخار بآجال طويلة وأسعار فائدة ثابتة”.
ترقب قرار المركزي المصري
محمد الإتربي رئيس البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في البلاد، قال لـ”الشرق” إن مصرفه يترقب قرار المركزي لاتخاذ القرار المناسب بشأن مستقبل الفائدة على الأوعية الادخارية، مشيراً إلى استمرار طرح شهادات 23.5% و27% حتى إشعار آخر، حصيلة الشهادات مرتفعة العائد لدى مصرفه ناهزت حوالي 800 مليار جنيه”.
قال رئيس قطاع الخزانة والمعاملات الدولية بأحد البنوك الخاصة لـ”الشرق” إن المصارف بدأت التوجه نحو الاستثمارات طويلة الأجل ذات العوائد المرتفعة، مع التخارج من الاستثمارات قصيرة الأجل، إلى جانب تحريك الفائدة على ودائع العملاء.
وفي السياق ذاته، ذكر مسؤول ائتمان بأحد البنوك الخاصة أن المصارف توسعت مؤخراً في عمليات تدبير العملات الأجنبية، وفتح الاعتمادات المستندية، وخطابات الضمان، إلى جانب زيادة رسوم الخدمات والمصروفات، لتعزيز الإيرادات وتحقيق الربحية.
اقرأ أيضًا:
تتوجه استثمارات الأجانب في مصر إلى السندات وسوق الأسهم، بدلاً من أذون الخزانة، وسط توقعات ببدء البنك المركزي خفض الفائدة تدريجياً من أعلى مستوياتها التاريخية هذا العام، وأشار 5 مصرفيين وخبراء بأسواق المال لـ”الشرق” إلى تحول بوصلة استثمارات الأجانب إلى الأسهم والسندات، منذ انتهاء آجال استحقاقات أذون الخزانة لأجل 12 شهراً بنهاية 2024.