تتزايد الشكوك حول مدى قدرة البنك المركزي المصري في مواصلة سياسته النقدية التيسيرية بعد “حرب الـ12 يوما الأخيرة” بين إسرائيل وإيران، وتذبذب أسعار النفط، مع نقص إمدادات الغاز الوارد إلى مصر. يضاف إلى ذلك، ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهرين الماضيين.
اقرأ أيضًا:
المالية: صرف مستحقات 2400 شركة مصدرة حتى الآن بقيمة إجمالية تتجاوز 25 مليار جنيه
اتفق محللو اقتصاد كلي تحدثوا لـ “العربية Business” على أن توقف الصراع الإيراني الإسرائيلي، لم يكن العامل المؤثر الوحيد، “مازال هناك تداعيات ومتغيرات أخرى سيتخدها البنك المركزي في اعتباره عند إعادة تسعير الفائدة في اجتماع المقبل مطلع شهر يوليو”.
ورجّح محللون تثبيت سعر الفائدة على الأقل الاجتماع المقبل، مع احتمالات باستئناف دورة التيسير النقدي في الاجتماعات التالية.
وعزى المحللون ترجيحاتهم إلى عدة متغيرات منها ارتفاع أسعار النفط عالميا والتذبذب السريع في أسعار الدولار مقابل الجنيه، بجانب تزايد معدلات التضخم الشهرين الماضيين.
ضغوط تضخمية متوقعة
وتوقع رئيس قسم البحوث في شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، هيثم فهمي، أن يثبت المركزي سعر الفائدة خلال اجتماعه القادم بالرغم من هدوء التوترات الجيوسياسية نسبيا بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
وقال فهمي: “تزايد الضغوط التضخمية المحتملة نتيجة زيادة سعر النفط وارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه، والتي مازالت عند معدلات أعلى مما كانت عليه قبل الصراع ترجح قرار التثبيت”.
وتتقلص فرص خفض أسعار الفائدة، بحسب رئيسة وحدة البحوث بشركة نعيم لتداول الأوراق المالية، سلمى طه حسين، والتي توقعت أن تأتي معدلات التضخم أعلى للشهر الثالث على التوالي.
وقالت: “إعلان الحكومة المصرية عن زيادة 25% على أسعار الغاز الطبيعي للمنازل بما يعادل جنيهان للمتر المكعب بدءاً من يونيو، سيؤثر بشكل مباشر على إنفاق الأسر، وسيكون تأثيره أكثر وضوحاً في قراءة الخدمات العامة الصادرة في أوائل يوليو”.
وارتفع معدل التضخم في مدن مصر الشهرين الماضيين، ليقفز إلى 16.8% في مايو، مقارنة بـ 13.9% في أبريل، كما ارتفع معدل التضخم الأساسي المعد من قبل البنك المركزي المصري إلى 13.1%، مقارنة بمعدل 10.4% فى إبريل.
الفائدة على أدوات الدين
قرارات خفض الفائدة للبنك المركزي المصري خلال اجتماعيه السابقين لم تلقِ بظلالها على تراجع تكلفة التمويل على أدوات الدين قصيرة الأجل بنفس معدلات الخفض.
وارتفع متوسط العائد المرجح على أذون الخزانة أجل 182 يوم إلى 27.576% مقارنة بعائد 26.963% فى مايو، كما ارتفع عائد الأذون أجل 273 يوم إلى 26.906% مقارنة بعائد 26.557% فى مايو، وصعد العائد على الأذون أجل 364 يوما إلى 25.192% مقارنة بعائد 24.749 في مايو.
ويرى محلل شركة برايم القابضة، هيثم فهمي أن رفع المستثمرين عروض الفائدة على أدوات الدين الحكومية لمصر خلال شهر يونيو الماضي مؤشر قد يدفع المركزي للإبقاء على مستويات الفائدة الشهر المقبل.
أضاف: “لم تشهد تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية إنخفاض ملحوظ ، لتسجل مستوى 503.6 نقطة، وما زالت فوق أدنى مستوى خلال شهر والبالغ 501.7 نقطة فى 11 يونيو 2025، وهو ما يعزز أيضا عدم تحريك أسعار الفائدة.
ورجحت العضو المنتدب لشركة عكاظ لتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية، رندا حامد، تثبيت الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، مع ارتفاع التضخم لشهرين متتاليين، كما أن الأرقام مرشحة للزيادة بسبب ارتفاع تكلفة استيراد الغاز وتكاليف الشحن والتأمين البحري عالمياً.
وأشارت إلى أن التوترات الجيوسياسية وإن كانت توقفت إلا أنها أثرت على الأسعار خاصة بعد توقف إمدادات الطاقة اللازمة لبعض المصانع لعدة أيام وارتفاع تكلفة الشحن نسبيا.
وتوقع رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع، توقف مؤقت لدورة خفض الفائدة التي طبقها المركزي المصري الاجتماعين الماضيين، بسبب زيادة التضخم، نتيجة ارتفاع الأسعار عالميا وتوقعات استمرار الارتفاعات للشهر الثالث على التوالي.
جاذبية الأموال الساخنة
وأشارت مديرة البحوث سلمى حسين أن زعزعت حالة عدم اليقين العالمية لمعنويات المستثمرين وتسارع التضخم محلياً، قلصت فرص البنك المركزي نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم.
من جانبه قال المدير التنفيذي لسياسات النقد والدخل الثابت في شركة الأهلى للاستثمارات المالية، محمود نجلة، إن حالة عدم اليقين والتذبذب التي مازالت تؤثر على الأسواق تتطلب توفير وأمل جذب للمستثمرين والتي تتمثل في أسعار فائدة مغرية نسبيا.
وأوضح أن التوترات والضبابية ليست نتيجة مؤشرات أو متغيرات داخلية بالاقتصاد المصري ولكنها حالة عامة بسبب التوترات الجيوسياسية عالميًا وهو ما يدفع المستثمرين لتوزيع المخاطر والأوزان الاستثمارية في آليات أكثر أمانا.
المتغيرات الأخيرة بالتأكيد سيتخذها البنك المركزي في الاعتبار عند تسعير الفائدة في اجتماع يوليو المقبل، منها تسعير البترول ومستويات التضخم ومستقبل التوترات الجيوسياسية حال ظهور متغيرات مرة أخرى”، بحسب نجلة.
وخفض البنك المركزي المصري الفائدة بنحو 3.25% فى الاجتماعيين الماضيين للجنة السياسة النقدية، لتصل إلى 24% للإيداع و25% للإقراض، وذلك بعد تراجع مستويات التضخم لتقترب من المستهدفات الرسمية.
اقرأ أيضًا:
سياسات أكثر حذرًا
وقالت سلمى، إن حالة عدم اليقين التي تؤثر على الأسواق قد تدفع المركزي لتبنى سياسة حذرة وتقوده لقرار الإبقاء على فائدة الجنيه.
واتفق معها فهمي الذي أكد على أن قرار الفيدرالي الأميركي بتثبيت الفائدة في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمى، قد يدفع البنوك المركزية وخاصة بالدول النامية للتمهل بشأن قرارات السياسة النقدية وإعطاء وقت أكبر للتأكد من التوقيت المناسب.