بعد أكثر من أربع سنوات من قرار تأجيل شراء سيارة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة البنكية، مما جعل الشراء بالتقسيط أمراً مكلفاً للغاية، بدأ أحمد شريف، المعيل لأسرة من ثلاثة أفراد، بالتفكير في هذا الخيار مجدداً مع بدء خفض الفائدة.
اقرأ أيضًا:
خفض البنك المركزي المصري، الأسبوع الماضي أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات من أعلى مستوى تاريخي لها، بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 25% و26% و25.5%، على الترتيب.
الأزمة التي شهدها قطاع السيارات خلال الفترة الماضية لم تنشأ فقط بسبب نقص المعروض نتيجة وقف الاستيراد، إذ تلعب الفائدة المرتفعة التي بلغت أكثر من 28% دوراً رئيسياً في تقليص الطلب على السلع مرتفعة الكلفة كالسيارات، وتؤثر على قرارات الشراء.
خفض الفائدة قد ينعش سوق السيارات في مصر
السيارات، من القطاعات التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية نتيجة الضغوط التضخمية وتراجع القدرة الشرائية، حيث يرى متعاملون بالسوق أن خفض الفائدة قد يكون بمثابة إنعاش لسوق السيارات، لا سيما مع تراجع تكلفة التمويل البنكي وتيسير الحصول على قروض الشراء بالتقسيط، سواء للأفراد أو الشركات.
تامر حنفي، رئيس شركة كاسل لتجارة وتوزيع السيارات، قال إن شركات السيارات عادة ما تعيد تسعير سيارتها ببداية كل شهر وفقاً للتغيرات التي تطرأ على سعر الصرف والفائدة البنكية وتكلفة التشغيل.
أضاف في مقابلة مع “الشرق” أن سوق السيارات كان يتوقع اتخاذ البنك المركزي قراراً بخفض الفائدة، حيث سينعكس ذلك على تحريك الطلب وزيادة المبيعات، موضحاً “إذا تم التوقف عن طرح الشهادات مرتفعة الفائدة، فسيتجه المستهلكون إلى ضخ استثماراتهم في شراء السيارات مما يحدث انعاشاً أكبر للقطاع خلال العام الجاري”.
انخفضت أسعار 16 علامة سيارات في السوق المصرية بما يصل إلى 15% خلال الربع الأول من العام الجاري، وذلك بعد إعادة السماح للشركات والوكلاء باستيراد السيارات عقب فترة من التوقف. وبحسب رصد أجرته “الشرق”، بلغت قيمة التراجعات في أسعار السيارات ما بين 30 ألفاً إلى 240 ألف جنيه، وشملت 28 طرازاً.
أزمة الدولار تضغط على المعروض من السيارات
مسؤول مبيعات بأحد الشركات الموزعة للعديد من علامات السيارات بالسوق المصرى، قال لـ”الشرق” إن تأثير خفض الفائدة لن يكون فورياً أو كلياً، فهناك عوامل أخرى مؤثرة مثل أسعار الدولار، وتكاليف الاستيراد، ووفرة المعروض.
وأضاف أنه إذا لم تحل أزمة توفير العملة الصعبة، سيظل المعروض محدوداً، ما يحد من استفادة السوق بشكل كامل من خفض الفائدة.
ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة 51.3% خلال أول شهرين من السنة إلى 20.6 ألف سيارة، بحسب تقرير “مجلس معلومات سوق السيارات” (أميك)، حصلت “الشرق” على نسخة منه.
محمد مصطفى، رئيس مجلس إدارة شركة اكستريم أوتو للسيارات، أوضح أن الخفض الأخير في أسعار الفائدة يفتح المجال أمام مزيد من الطلب على السيارات وفقاً لنظام التقسيط، خصوصاً في ظل اعتماد شريحة واسعة من المشترين على التمويل البنكي.
وأضاف أن الفائدة تعد من أهم العوامل التي تؤثر في قرار المستهلكين بشأن أخذ قرض لشراء سيارة، وعندما تنخفض أسعار الفائدة تقل التكلفة الإجمالية للقرض ما يسهل على العملاء تحمل الأقساط الشهرية، على العكس عندما تكون الفائدة مرتفعة يرتفع مبلغ القسط الشهري الذي يتعين دفعه مما قد يمنع بعض العملاء من الإقبال على القروض.
يأتي ذلك في وقت تعاني سوق السيارات من أزمة حادة وصفها تجار بأنها “الأسوأ على الإطلاق”، نتيجة النقص الحاد في المعروض مع وقف الاستيراد خلال الفترة الماضية، إلى جانب ارتفاع الأسعار والرسوم الإضافية على الطُّرز المتاحة بالأسواق.
تخفيضات وعروض على السيارات
وأوضح مصطفى لـ “الشرق” أنه لاحظ ارتفاع الإقبال على دفع قيمة السيارة بالتقسيط بنسبة 60 و70% بدلاً من الدفع الكاش؛ بسبب زيادة أسعار السيارات منذ بداية الربع الثاني من عام 2023 وحتى الآن بشكل لا يتناسب مع قيمة السلعة، برخم من تقديم بعض الوكلاء لتخفيضات وعروض على السيارات.
تعود جذور الأزمة إلى منتصف مايو 2024، عندما اكتشفت شركات السيارات أن بند التسجيل الخاص بالسيارات على منظومة التسجيل المسبق للشحنات (ACI) مُعطل، ثم سُمح في فبراير الماضي بعودة الاستيراد، والإفراج عن السيارات المحتجزة منذ فبراير الماضي.
أقرت مصر تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات سنة 2020، وبدأ التشغيل الإلزامي لهذا النظام في أكتوبر من العام التالي. ويعتمد هذا النظام على إتاحة بيانات ومستندات الشحنة قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل، ما يتيح للمستورد الحصول على رقم تعريفي للشحنة “بند جمركي” (ACID)، وذلك من خلال منصة “نافذة” الحكومية.
يرى منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة الشعبة العام للسيارات بالغرفة التجارية، أنه مع تزايد الحاجة إلى وسائل النقل الخاصة، بسبب ضغوط الحياة اليومية والزيادة في المسافات المقطوعة للعمل أو لأغراض أخرى، أصبح شراء السيارة ضرورة أكثر من كونها رفاهية، هذا يعزز من الإقبال على شراء السيارات سواء كانت جديدة أو مستعملة.
أضاف زيتون، أن خفض الفائدة حالياً على أسعار السيارات تؤثر على عناصر التكلفة، وبالتالي تساهم وإن كان بشكل محدود نسبياً في خفض أسعار السيارات بالتكلفة النهائية.
موضحاً أن المؤثر الأكبر حالياً هو زيادة التكاليف مثل الشحن البحري، سعر صرف العملات الأجنبية، الأرضيات على السيارات المحتجزة بالموانئ، ما يؤدى إلى عدم وضوح سياسات التسعير وعدم وضوح معطيات اتخاذ قرار الشراء للمستهلك.
فوائد بنكية متباينة للسيارات في مصر
وفقاً للمسح الذي أجرته “الشرق” اعتماداً على مراكز الخدمة الهاتفية بالبنوك، يقدم البنك الأهلي قروض سيارات بفائدة متناقصة تبلغ 32.5% في حالة ما إن كانت مدة التمويل 5 سنوات أو أقل، فيما تبلغ الفائدة نحو 32% في حالة مد فترة القرض لأكثر من 5 سنوات.
اقرأ أيضًا:
الإسكان: الأحد 4 مايو.. تسليم أراضي الحي 32 بجميعة الأمل “سابقًا” بالعبور الجديدة
كما يوفر بنك مصر تمويلات بحد أدني 40 ألف جنيه وحتى مليون جنيه، بعائد متناقص 23.5%، بالإضافة إلى 1.25% كرسوم إدارية، وتبدأ مدة التمويل من سنة إلى 7 سنوات لجميع السيارات فيما عدا الصينية، حيث تتراوح مدة القرض من 3 إلى 4 سنوات بضمان الوظيفة.
واختلفت معدلات الفائدة على قروض السيارات في بنك الإسكندرية بفائدة تتراوح بين 27.5% إلى 29%. ويقدم بنك القاهرة قرض السيارة بفائدة مختلفة حسب نوع ضمان القرض، فإذا كان القرض بضمان تحويل المرتب تكون الفائدة نحو 26%، وإذا كان القرض في حالة عدم تحويل المرتب تكون الفائدة نحو 29% بالإضافة إلى مصاريف إدارية بنسبة 2% من قيمة القرض.